أخبار إيرانأهم الاخباراهم المقالاتمقالات واراء

إيران بعد وقف إطلاق النار: هشاشة عميقة في بنيان النظام وأزمات داخلية متصاعدة

إن وقف إطلاق النار مع إسرائيل لم يكن نهاية الأزمة للنظام الإيراني، بل بداية لحساب داخلي عسير. النظام الذي استنزف طاقاته في صراعات خارجية، يجد نفسه اليوم محاصراً بأزماته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تهدد وجوده.

بعد إعلان وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لم يشهد النظام الإيراني مجرد تهدئة على جبهة الصراع الخارجي، بل دخل مرحلة حرجة من المواجهة مع أزماته الداخلية المتفاقمة.

هذا الحدث كشف عن هشاشة عميقة في بنيان النظام، حيث تتصاعد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تهدد استقراره، فيما يحاول قادته التماسك وسط موجة من الارتباك والخوف من انفجار احتجاجات شعبية واسعة.

تداعيات وقف إطلاق النار على الاقتصاد والسياسة الداخلية
كان لوقف إطلاق النار أثر مدمر على الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني أصلاً من عقود من العقوبات والتدهور المالي. فقد شهد الريال الإيراني انخفاضاً حاداً في قيمته، وتعرضت منصات العملات الرقمية لهجمات إلكترونية، بينما ما زالت بورصة طهران تعاني من تداعيات الإغلاق المتكرر. هذه الأوضاع الاقتصادية المتدهورة تزيد من استياء المواطنين الذين يشعرون بأن النظام أضاع موارد البلاد في صراعات خارجية دون تحقيق مكاسب ملموسة.

إقرأ أيضا: الصحف الإيرانية: مشروع استراتيجي لتفكيك بنية الدولة الإيرانية وإقصائها

على الصعيد الأمني، أظهرت الهجمات السيبرانية والطائرات المسيرة التي استهدفت مواقع حساسة داخل إيران وجود اختراقات داخلية، مما يطرح علامات استفهام حول قدرة أجهزة المخابرات على حماية النظام. هذا التخريب الداخلي، في ظل نظام مراقبة مشدد، يعكس عمق الانقسامات والتمردات التي قد تكون أكثر خطورة من أي تهديد خارجي.

في مواجهة هذه الأزمات، لجأ النظام إلى حملة إعلامية مكثفة لمحاولة استعادة السيطرة على السرد الرسمي، مستعيناً بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتضخيم صور وأحداث، لكن هذه المحاولات فشلت في إقناع الجمهور، بل وأدت إلى زيادة فقدان الثقة في وسائل الإعلام الحكومية.

الانقسام السياسي والتحديات الأمنية
رغم المظهر الموحد الذي تحاول فصائل النظام إظهاره، فإن الانقسامات تتعمق بين المتشددين الذين يرفضون أي نوع من التفاوض أو التراجع، وبين من يتبنون خطاباً أكثر مرونة يتحدث عن استمرار الحوار مع المجتمع الدولي بشروط محددة. هذا التناقض في الخطاب يعكس حالة من التردد والارتباك في القيادة، التي تحاول الموازنة بين مواجهة الضغوط الدولية والحفاظ على الاستقرار الداخلي.

إقرأ أيضا: إيران.. تصعيد خطاب الحرب للتغطية على الهزيمة

وفي خطوة تعكس القلق من التهديدات الداخلية، أعلن رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف عن مخاوفه من محاولات الأعداء الخارجيين لإشعال الاضطرابات داخل إيران، ما دفع النظام إلى تعزيز برامج “الأمن المرتكز على الأحياء” واستخدام المساجد كأدوات للسيطرة الاجتماعية، مؤشراً إلى استعداد النظام لمواجهة موجة محتملة من الاحتجاجات الشعبية.

إن وقف إطلاق النار مع إسرائيل لم يكن نهاية الأزمة للنظام الإيراني، بل بداية لحساب داخلي عسير. النظام الذي استنزف طاقاته في صراعات خارجية، يجد نفسه اليوم محاصراً بأزماته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تهدد وجوده. التهديد الحقيقي لم يعد من الخارج، بل من الداخل، حيث تتآكل شرعية النظام وتتصاعد أصوات المعارضة، مما يضع مستقبل النظام في مهب الريح وسط واقع متغير لا يرحم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى